جولة في عوالم الفتاوى بالموسيقى والغناء ..
مفتي مصر: الغناء مباح شرعا..الأزهر: الاستماع للموسيقى حلال .«الإفتاء الكويتية :الغناء للترويح عن النفس جائز
كتب حمزة عليان:
ماذا يقول العلماء ودور الافتاء بشأن الموسيقى؟
وهل حقيقة ان هناك من يحرّم الموسيقى بالقطع في حين يوجد من يبيحها او يعطيها شرعية دينية؟
جولة في عوالم الفتاوى الموسيقية تظهر درجة التباين، لكن الاغلبية لا ترى حرمة بسماع الموسيقى.
يروي الشيخ محمد الغزالي قصة واقعية جرت بينه وبين احد تلامذته ثم بينه وبين احد علماء الخليج العربي حول تحريم الموسيقى والغناء. ويخرج بقول فيه الكثير من الحكمة متسائلا: من أين حرّم البعض الموسيقى، ونَفَرَ من سماعها؟ لقد سمع رسول الله صوت الدف والمزمار دون تحرج، ومَدَحَ صوت ابي موسى الاشعري بعدما سمعه يتغنى بالقرآن.. على ان الألحان تختلف في تأثيرها وصداها النفسي فاذا كان هناك مجال لاعتراض فعلى الاصوات الخشنة والألحان الطرية المائعة.
والحديث عن الذّم الذي يلحق بمن يسمع الموسيقى يقول الشيخ العزالي «إن الله ما ذم قط من روّح عن نفسه بشيء من اللهو ليعينه على الكثير من الجد وانما الاعمال بالنيات ولا حرج على مسلم أن ينظر في بستان متنزها او يتنقل هنا وهناك متفرجا ليريح طبعه المكدود» ويضيف «الحق ان الغناء كلام، حسنه حسن وقبيحه قبيح». والذين كتبوا تاريخ الظواهر المسرحية عند العرب والمسلمين يشيرون الى انه منذ بداية العصر الاسلامي كانت هناك مجالس غناء في المدينة وكانت هناك أسماء معروفة لمغنين ومغنيات ومن ابرزهم المغنية «جميلة» التي كانت تعقد مجلس الغناء في منزلها وكان ضيوفها يرتدون البرانس البيضاء في محاولة لتجسيد ما تغني. وفي الاعراس كانت تستخدم الدفوف وتهلل النساء كنوع من الاشهار والاحاديث تروي عن وفد من الحبشة جاء الى مسجد الرسول وادوا بعض الحركات الاستعراضية والالعاب التي اشتهروا بها، وجاءت السيدة عائشة (رضي الله عنها) الى المسجد لتشاهد تلك الاستعراضات والمعروف انه عندما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة استقبله الناس بالدفوف والتهليل وغنوا طلع البدر علينا.
والحقيقة ان التباين في موضوع الموسيقى والغناء ترافق مع هاتين الظاهرتين منذ بداية ظهور الاسلام، وملخص القول كما جاء في دراسة أعدها مجمع البحوث الاسلامية بالأزهر الشريف، ان الناس انقسموا الى اربعة أقسام، فرقة استحسنت وفرقة اباحت وفرقة كرهت وفرقة حرّمت، لذلك بقي المجال مفتوحا للاجتهاد واصدار الفتاوى بهذا الشأن.
فتاوى دار الافتاء المصرية
يؤكد مفتي مصر الدكتور علي جمعة بفتوى شرعية ان الغناء مباح شرعا شريطة ألا يثير ذلك الغزائر والشهوات او يدعو الى الفسق والفجور. وقال «إذا كان الغناء يدعو الى الفضيلة ومكارم الاخلاق ولا يحث على الفسق والفجور وإثارة الغزائر والشهوات فلا مانع منه شرعا، اما اذا كان يدعو الى الفسق والفجور وإثارة الغزائر والشهوات، ويسعى الى تدمير الحياء والأخلاق فيكون محرما». كما أصدر مفتي مصر السابق د. أحمد الطيب فتوى رسمية اكد فيها أنه يجوز شرعا سماع الأغاني التي لا تثير الغزائر ولا تدعو الى الفجور.
وفي عام 1980 اصدرت دار الافتاء المصرية فتوى نصّت على «أن الضرب بالدف وغيره من الآلات الموسيقية مباح في أمور معينة، كما ان الموسيقى وحضور مجالسها وسماعها أيا كانت جائزة لانها من المباحات مالم تكن محركة للغرائز باعثة على الهوى».
وصرح رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف الشيخ عبدالحميد محمد الاطرش لـ«القبس» من القاهرة بأن الضرب بالدف وغيره من الآلات مباح باتفاق الفقهاء في الحداء (أي تحريض الجند على القتال) وفي العرس وفي العيد وللتنشيط والترويح عن النفس في الأعمال المهمة.
واشار الاطرش الى قول النبي صلى الله عليه وسلم، في المجلس لابن حزم «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن نوى استماع الغناء عونا على معصية الله تعالى فهو فاسق، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل وينشط نفسه بذلك على البر فهو محسن مطيع». وأكد الشيخ الاطرش ان الاستماع الى الموسيقى والأغاني مباح شرعا مالم يثر الغرائز والشهوة او يدعو الى الفسق والفجور وانما يكون بقصد الترويح عن النفس.
فتوى الأوقاف الكويتية
خلاصة الفتوى الصادرة عام 1988 أن الغناء بقصد الترويح عن النفس جائز شرعا، أما المؤثرات الصوتية الموسيقية فهي من الامور المشتبهة التي تترك ورعا ولا ينكر على فاعلها وانما يرشد ارشادا، ولا بأس باستعمال الدف في الاعراس ونحوها في مناسبات الفرح كالعيد وقدوم الغائب والختان.
فتوى القرضاوي
استعرض الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه «ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده» أدلة المحرمين للغناء ونقدها، وقال انها سقطت واحدة بعد الاخرى، ولم يقف منها دليل على قدميه، واذا انتفت ادلة التحريم بقي حكم الغناء على اصل الاباحة بلا شك. وقال ان اهل المدينة الذين عرفوا بورعهم روي عنهم إباحة الغناء .
قال د.نصر فريد مفتي مصر مانصه:إن تعلم الموسيقى من المباحات مالم تكن محركة للغرائز وباعثة على الهوى والغواية والغزل المحرم والمجون أو مقترنة بالخمر والرقص والفسوق والفجور أو إتخذت وسيلة للمحرمات أو أو قعت في المحرمات والمنكرات أو الهت عن العبادات واداء الواجبات.وقال أيضا:ان الموسيقى إن كانت تبعث الامل في النفس وتشيع في جوانبها الدعوة إلى العمل وتدعوا إلى الجهاد وتثير الحماس لملاقاة الأعداء او على مزيد من الجهد والاجتهاد وكثرة الانتاج بعيدا عن المحرمات فانها تكون على اصل الاباحة الشرعية في الاسلام !,,,وتابع: أن الاصل في الاشياء الاباحة مالم يرد نص بالتحريم وان استماع الموسيقى مالم يردالشرع بتحريمه فكان اصله الاباحة ,,,,,واستدل الشيخ نصر من قوله تعالى {و إذا رأوا تجارة أو لهو انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو والتجارة والله خير الرازقين} وسبب نزول الآية كما يقول الشيخ نصر ما اخرجه الطبري عن جابر أنهم كانوا اذا نكحوا تضرب لهم الجواري بالمزامير فيشتد الناس إليها ويدعون الرسول عليه الصلاة والسلام قائما فهذا عتاب من الله تعالى للذين تركوا الرسول قائما وخرجوا ووجه الإستدلال أن الله تعالى عطف اللهو على التجارة والمعطوف ياخذ حكم المعطوف عليه والتجارة وهي المعطوف عليه حلال با الإجماع فيكون حكم اللهو وهو المعطوف حلال أيضا وثبت أن هذا الحكم مما أقره الشرع على ماكان عليه ولم تنزل آية قرانية ولم يرد في تحريمه حديث نبوي فعلتنا بذلك بقاء ه على الأصل والإباحة ,,إنتهى كلامه,,,
وايضا ذكر الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه( فقه الغناء والموسيقى في ضوء الكتاب والسنة) الذي بدأه ببيان موقف الاسلام من الفن والجمال مناقشا أدلة المحرمين والمحللين ,,,, وذكر القرضاوي أيضا ان من السلف اناس اشتهروا بالورع فمثلا سعيد بن المسيب الذي يضرب به المثل في الورع وهو أفضل التابعين وأحد الفقهاء السبعة قد سمع الغناء واستلذ بسماعه !!!!ويضيف القرضلوي ان من اجاز الغناء من التابعين ابن جريج وهو من العلماء الحفاظ والفقهاء العباد المجمع على جلالته وعدالته وكان يستمع الى الغناء ويعرف الالحان وايضا ابن سيريه وعبدالله بن الحسن وغيره الكثير .ويختم القرضاوي كتابه بان لاحرام في الاسلام الا الخبيث الضار سواء كان خبثه او ضرره ماديا ام معنويا فرديا او اجتماعيا حالا او مستقبلا ولاشيء في الغناء الا انه من طيبات الدنيا التي تستلذها الانفس وتستيغها العقول وتستحسنها وتشتهيها الاسماع فهي لذة الاذان والطيبات يشتمل كل ماتستلذه الانفس من مطعوم او مشروب وملبوس ومشموم ومرئي ومسموع,,, أنتهى كلامه ,,,